Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
في سبيل العروبة الحضارية - Sur le chemin de l'arabité civilisationnelle
20 août 2020

كلمة الرئيس جمال عبد الناصر فى احتفال الاتحاد القومى بيوم الجزائر من جامعة القاهرة ١/١١/١٩٦٠

Nasser discours

 

 

أيها الإخوة المواطنون:
 
هذا الاجتماع الذى يعقده الاتحاد القومى.. هذا الاجتماع هو تعبير عن مساندة شعب الجمهورية العربية المتحدة لشعب الجزائر الحر فى معركته من أجل الإستقلال، هذه المساندة المستمرة حتى يحصل شعب الجزائر المكافح على حريته واستقلاله. هذه المساندة التى أعلنها باسم شعب الجمهورية العربية المتحدة لا تقف عند حد؛ فهى مساندة بكل ما نملك ولا يمكن لمساندتنا أن تقتصر على الناحية المعنوية، كما طالبت بهذا دول الاستعمار؛ لأن معركة الجزائر معركة الشعب العربى كله فى كل بلد من بلاده.
 
معركة الجزائر ليست معركة الجزائر فقط، ولكنها معركة العرب جميعاً. تدل الأحداث على أن هذه المعركة إنما هى جزء فى مخطط رسمه الاستعمار للقضاء على القومية العربية، وليس هذا المخطط بالمخطط الحديث ولكنه مخطط قديم قدم الزمن.
 
ففى القرن الثالث عشر كانت هناك الحملات الاستعمارية الصليبية على سوريا، وعلى فلسطين، وعلى مصر، وعلى المغرب. اجتمع فى هذه المعركة كل ملوك أوروبا، وكان هدفهم إخضاع الأمة العربية، وكان هدفهم أيضاً القضاء على القومية العربية. فماذا كانت النتيجة؟
 
خرج هذا الشعب العربى الأعزل وتسلح بالإيمان، وتسلح بالوحدة الوطنية، والوحدة العربية؛ فاستطاع أن يقضى على الحملات الاستعمارية الصليبية، واستطاع أن يكسر ملوك بريطانيا وملوك فرنسا، واستطاع أن يطهر أرض العرب كلها من عدوان الاستعمار الصليبى والحملات الصليبية. كان هذا فى الماضى.. فى هذه الأيام توجه "لويس التاسع" إلى مصر بحملة صليبية، ولكن "لويس التاسع" هزم فى مصر وأسر فى مصر، وقضى على جيوشه فى مصر، فذهب إلى المغرب بعد أن دفع الفدية ليتحرر، ذهب ليسيطر على المغرب العربى فهزم هناك أيضاً.
 
وفى سوريا وفلسطين اتحدت جيوش أوروبا تحت اسم الحملات الصليبية للقضاء على القومية العربية، واحتلت هذه الجيوش فلسطين، واحتلت القدس وأقامت القلاع فى سوريا، واعتقدت أنها بهذا قضت على القومية العربية وأقامت للاستعمار مقراً دائماً، فماذا كانت النتيجة؟ قامت الوحدة بين مصر وسوريا لمواجهة الخطر الدائم، اتحدت الجيوش العربية واتحدت الشعوب العربية؛ لأنها كانت تؤمن أن وحدتها هى سبيل قوتها وهى أيضاً سبيل حريتها. ماذا كانت النتيجة؟
 
بعد ٨٠ سنة من احتلال القدس.. بعد ٨٠ سنة من احتلال فلسطين، هل نسى الشعب العربى أرضه؟ هل نسى الشعب العربى حقه؟ هل نسى الشعب العربى الاستعمار الذى أقام القلاع فى بلاده؟ هل نسى الشعب العربى أنه لابد أن يفدى حريته بدمه؟ لم ينس أبداً بعد ٨٠ سنة أرضه ولا حقه، لم ينس حقه فى الثأر ولم ينس حقه فى تطهير وطنه من أرجاس الاستعمار.
 
بعد ٨٠ سنة من الاحتلال الغربى قامت به الحملات الصليبية الاستعمارية استطاع الشعب العربى أن يطهر فلسطين وأن يسترد القدس وأن يعيد فلسطين عربية؛ لأنه آمن بربه، وآمن بنفسه، وآمن بحقه فى الحرية والحياة، وآمن بأن الوحدة هى طريق القوة وطريق الحياة. كان هذا - أيها الإخوة - هو تاريخنا فى الماضى.
 
هل انتهت الحملات الصليبية التى توجهت إلى المغرب العربى وإلى المشرق العربى؟ ثم هل انتهت محاولات الاستعمار فى القضاء على القومية العربية؟ لم تنته أبداً؛ بل استمرت مع السنين ومع الأيام وعلى مر الزمن، وواجهنا دائماً حملات الاستعمار المختلفة؛ واجهنا هنا فى مصر حملات الغزو الفرنسى فى أيام "نابليون"، وواجهت فلسطين أيضاً حملات الغزو الفرنسى فى أيام "نابليون"، وواجهت سوريا أيضا حملات الغزو الفرنسى فى أيام "نابليون"، ولكن الشعب العربى فى مصر وفلسطين وسوريا قام - وهو شعب أعزل - ليواجه "نابليون" الذى انتصر على ملوك أوروبا، واستطاع الشعب العربى أن يهزم حملة "نابليون"، وأجبر "نابليون" على أن يتراجع من وطنه ومن أرضه، وأجبره على أن يفر من أرضه ومن وطنه، وعادت الأرض الطيبة، الأرض الحرة إلى أبنائها العرب الأحرار، وتحررت فلسطين، وتحررت سوريا، وتحررت مصر، فهل انتهت بهذا الحملات الاستعمارية التى كانت تستهدف القضاء على القومية العربية؟ لم تنته.
 
بعد هذا واجهنا الغزو البريطانى، فى سنة ١٨٠١، وفى سنة ١٨٠٧ قامت بريطانيا بالهجوم على مصر لاحتلالها؛ فماذا كانت النتيجة؟ أساطيل بريطانيا سنة ١٨٠١، وأساطيل وجيوش بريطانيا سنة ١٨٠٧؛ لم تستطع رغم النار والدمار التى لحقت الإسكندرية، لم تستطع أن تسير فى حملتها، ثم آثرت السلامة بعد الهزيمة المرة التى لاقتها وعادت منسحبة تجر أذيال الخيبة والفشل. وكان هذا أيضاً عاملاً من العوامل التى دفعت الأمة العربية لتشعر بالخطر؛ لأننا بعد هذا قابلنا نفس الحملات التى قابلناها فى الماضى.
 
سنة ١٨٣٠ احتلت فرنسا المغرب العربى وكانت بهذا تسير فى طريق الحملات الاستعمارية الصليبية التى سارت فيها فى القرن الثالث عشر، ثم بعد هذا فى سنة ١٨٨٢ احتلت بريطانيا مصر بالخديعة، بعد أن فشلت فى أن تتقدم من الإسكندرية إلى القاهرة، ودخلت عن طريق الخديعة عن طريق قنال السويس بالتآمر مع الفرنسيين الذين كانوا يديرون قنال السويس، واحتلت بريطانيا مصر فى هذا الوقت، وكانت فرنسا تطمع فى لبنان وفى سوريا، وكانت بريطانيا تطمع فى احتلال أجزاء أخرى من العالم العربى.
 
ثم سارت الأمور، واستطاعت بريطانيا أن تحتل عدن وأن تحتل المحميات الموجودة فى جنوب الجزيرة وفى الخليج العربى، ولكن هل كان هذا الاحتلال وهل كانت قوات بريطانيا بقادرة على أن تقضى على روح الاستقلال والحرية، وعلى روح الكفاح فى العالم العربى؟ هل كان احتلال فرنسا للجزائر والمغرب العربى بقادر على أن يسكت عوامل الكفاح فى نفس الشعب العربى فى المغرب العربى؟ بل هل كان احتلال إيطاليا لليبيا بقادر على أن يقضى على روح الكفاح فى ليبيا؟
 
أبداً.. لم تستطع هذه الدول التى كانت لها المقدرة، والتى كان لها السلاح على أن تقضى على الروح العربية الحرة الأبية فى أى بلد وطأت جنودها أرضه، وفى أى بلد أقامت فيه القلاع، وفى أى بلد أقامت فيه الأسلحة وأقامت فيه الجيوش ليقضوا على روحه العربية، وليقضوا على قوميته العربية.
 
ثم كانت الحرب العالمية الأولى، وفى هذه الحرب العالمية الأولى تآمرت بريطانيا وفرنسا بعد أن عقدوا اتفاقاً بينهما فى أن يقسموا العالم العربى ليكون مناطق نفوذ لهما.
 
فى هذه الأيام تآمروا أيضاً على الأمة العربية من أجل القضاء على القومية العربية، وكانت المؤامرة الكبرى تستهدف فلسطين. ففى مثل هذه الأيام فى سنة ١٧ فى ٢ نوفمبر سنة ١٧، أعلن وعد "بلفور" بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، وكانت هذه بداية معركة كبرى من أجل الحرية العربية والقومية العربية ومن أجل الكرامة العربية والإنسانية العربية.
 
وسارت مخططات الاستعمار مع الصهيونية العالمية من أجل القضاء على القومية العربية فى فلسطين، ومن أجل إقامة قومية صهيونية هناك، وسارت مخططات الاستعمار حتى نجحت فى أن تحتل الأرض وفى أن تقتل الرجال والنساء والأطفال، ولكن هل استطاعوا أن يقتلوا الأرواح التى تصمم على الكفاح من أجل استعادة فلسطين؟ هل استطاعوا أن يقضوا على الروح العربية التى تعتبر فلسطين أرضاً عربية؟ هل استطاعوا أن يقضوا على عزم الأمة العربية كلها على استعادة فلسطين؟ فى القرن الثالث عشر حاولوا بكل الوسائل أن يقضوا على هذه الروح، ولكن استمر الشعب العربى فى كفاحه ونضاله لمدة ٨٠ سنة حتى استعاد أرض فلسطين.
 
واليوم أشعر من كل قلبى ومن كل نفسى أن الشعب العربى أشد تصميماً وعزماً مما كان فى الماضى على أن يسير فى طريقه من أجل الحفاظ على قوميته، ذلك أن شرف الأمة العربية لا يمكن أن يتجزأ، وشرف فلسطين هو شرف الجمهورية العربية المتحدة، وشرف الجزائر هو شرف الجمهورية العربية المتحدة.
 
إننا - أيها الإخوة المواطنون - حينما نساند شعب الجزائر إنما نساند قضية القومية العربية فى كل بلد عربى، وإنما نساند قضية شعب فلسطين، وإنما نساند أيضاً قضيتنا من أجل الحرية والاستقلال، ومن أجل تدعيم الحرية ومن أجل تدعيم الاستقلال.
 
وإننا لنذكر - أيها الإخوة - فى عام ٥٦ كيف أعلنت فرنسا أن العدوان على مصر إنما هو جزء من معركتها ضد حركة التحرير فى الجزائر، وكانوا يعتقدون أنهم إذا استطاعوا أن يسيطروا على مصر فإنهم بذلك يتمكنوا من أن يطفئوا نار الحرية العربية ونار القومية العربية، ونسوا فى هذا الوقت أن نار الحرية العربية ونار القومية العربية لا يمكن أن تطفأ. لم يتمكنوا من أن يطفئوها فى الماضى طوال السنين الماضية، بل طوال القرون الماضية؛ فى القرن الثانى عشر، والثالث عشر، والسابع عشر، والثامن عشر، والتاسع عشر، وفى القرن العشرين حينما استطاعوا أن يمتلكوا الأسلحة الفتاكة، وحينما استطاعوا أن يحرموا الأمة العربية من أن تمتلك الأسلحة للدفاع عن نفسها، هل مكنتهم هذه الأسلحة من أن يقضوا على روح القومية العربية وروح الحرية وروح الإستقلال؟ لم يستطيعوا أبداً فى الماضى ولن يستطيعوا أبداً ذلك فى الحاضر أو فى المستقبل.
 
فى سنة ٥٦ كان الإنذار البريطانى - الفرنسى فى مثل هذه الأيام، وكنا نحن الشعب الصغير.. الشعب الأعزل فى مواجهة الدول الكبرى؛ مواجهة بريطانيا وفرنسا وأساطيل بريطانيا وفرنسا ومن ورائها حلف الأطلسى، واجهنا الإنذار ولم تكن عندنا من الأسلحة ما يمكننا من أن نجابه الدول الكبرى؛ بريطانيا وفرنسا، ولكن كان عندنا الإيمان بالله، والإيمان بالوطن، والإيمان بحقنا فى الحرية وبحقنا فى الحياة، وكان هناك أعوان للاستعمار تآمروا مع الاستعمار على حريتنا وعلى مصيرنا بثمن بخس، كما تآمروا قبل هذا فى معركة فلسطين، وكان الاستعمار يعتقد أن هؤلاء الأعوان هم سنده الكبير فى معركته من أجل القضاء على القومية العربية ومن أجل القضاء على الروح العربية، ولكن هل نجح الاستعمار؟ لم ينجح الاستعمار، وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل كما جر أذيال الخيبة والفشل فى القرن الثانى عشر، وفى القرن التاسع عشر.
 
إن هذه - أيها الإخوة - هذه اللمحات من تاريخنا إنما تدل على أن معركة العرب فى أى بقعة من بلاد الأمة العربية إنما هى معركة واحدة مستمرة، وإنما تدل على أن مؤامرات الاستعمار ومخططات الاستعمار فى أى جزء من أنحاء الأمة العربية إنما هى معركة مستمرة من أجل القضاء على القومية العربية، ومن أجل القضاء على الروح العربية، ومن أجل القضاء على الدوافع التى تفتعل فى نفوسنا بأن نبنى بلداً قوياً، عزيزاً، كريماً؛ نبنيه بالتطور وبالتصنيع وبالعمل المجد المستمر الذى منعنا الاستعمار فى الماضى من أن نقوم به.
 
إن الاستعمار يعتقد أن الأمة العربية إذا تحررت فإنها ستسير فى طريقها قوية مصممة على أن تطور نفسها لتأخذ مكانها تحت الشمس، أمة قوية، أمة يرتفع فيها مستوى المعيشة؛ وبهذا لا يكون احتكار القوة للاستعمار، ولا يكون احتكار القوة لفئة قليلة من الناس آثرت أن تستخدم القوة لإخضاع باقى شعوب الأرض.
 
وإننا - أيها الإخوة المواطنون - اليوم ونحن ننظر إلى الغرب.. إلى الجزائر، وشعب الجزائر يستقبل العام السابع لثورته؛ نحمد الله الذى مكن شعب الجزائر من أن يصبر ويثابر ويقاتل ٦ سنوات بدون وهن وبدون كلل، وأن يستمر فى طريقه ليجابه فرنسا بقواتها، ليجابه أكثر من ٨٠٠ ألف جندى من قوات فرنسا بقواته الصغيرة وأسلحته الصغيرة، ثم يدوخ فرنسا وجيوشها، ثم يدوخ فرنسا وأسلحة حلف الأطلنطى التى تعتمد عليها، ثم يدوخ أيضاً الدول التى تقول إنها تمثل العالم الحر فى القرن العشرين. أين هو العالم الحر؟! وأين هى الحرية التى يتشدقون بها؟!
 
إننا لا نرى هذه الحرية، ولا نرى إلا حرية القتل، وحرية الدمار، وحرية الاستعباد، إنهم حينما يقولون إنهم يمثلون العالم الحر فإننا ننظر إليهم بسخرية واستهزاء؛ فإن الحرية منهم براء، إنهم إذا كانوا فعلاً يمثلون العالم الحر، فأين هو تأييدهم لشعب الجزائر الحر المناضل؟!
 
إن العالم الحر الذى يتكلمون عليه، إن العالم الحر الذى يتكلمون باسمه، هذا العالم الحر الذى يؤيد فرنسا ويمدها بالأسلحة، هذا العالم الحر الذى يؤيد فرنسا بالأسلحة والأموال لكى تقتل مليون جزائرى، لا يمكن بأى حال أن يفهم معنى الحرية إلا إذا كان معنى الحرية هو الاستغلال؛ استغلال بترول الجزائر وسلبه، هذا البترول الذى هو حق لأبناء الجزائر، وليس بأى حال حق لفرنسا أو للعالم الحر المزعوم الذى يساند فرنسا.
 
إن العالم الحر إنما يعلن هذه الشعارات ليخدع الأمم المغلوبة على نفسها، وإننا نحن الشعوب المكافحة، نحن الشعوب المقاتلة من أجل حريتها وتثبيت حريتها ومن أجل استقلالها وتثبيت استقلالها نفهم أن هذه الشعارات إنما هى شعارات زائفة، فإذا كان العالم الحر هو عالم حر حقاً فلماذا يمد فرنسا بالأسلحة والأموال لتقتل أبناء الجزائر، ولتستعمر الجزائر، ولتعتدى على حرية شعب الجزائر، ولتمنع شعب الجزائر من أن يكون الشعب الحر المستقل؟!
 
إن العالم الحر المزعوم إنما هو عدو الحرية وعدو الاستقلال؛ هذا هو ما نراه فى الجزائر، وهذا هو ما لمسناه فى الجزائر. إن دماء مليون جزائرى لا تقع فقط على عاتق فرنسا. هذا المليون الذى استشهد فى الجزائر، استشهد بفعل قوات فرنسا، وبفعل أسلحة فرنسا، ولكنه استشهد أيضاً بفعل الأسلحة التى أمدت بها الدول الغربية فرنسا، وبفعل الأموال التى عاونت بها الدول الغربية فرنسا. فالوزر فى هذا لا يقع فقط على فرنسا، ولكنه يقع أيضاً على هذه الدول التى تساند فرنسا لتقضى على شعب الجزائر، ولتمحى شعب الجزائر. وبدون مساندة هذه الدول لفرنسا لا يمكن لفرنسا بأى حال من الأحوال أن تستمر فى معركتها.
 
إن فرنسا تصرف فى كل يوم فى معاركها فى الجزائر مليونى جنيه، من أين تأتى فرنسا بهذه الأموال؟! من دول العالم الحر.. العالم الحر الذى يساهم فى القتل، ويساهم فى الذبح، ويساهم فى التشريد، ويساهم فى هدم القرى، ويساهم فى إبادة شعب فى الجزائر كما ساهم من قبل فى إبادة شعب فلسطين.
 
كلنا نعلم كيف ساهمت شعوب العالم الحر بعد أن خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية فى إبادة شعب فلسطين، كيف ساهموا بالسلاح، كيف ساهموا بالأموال، كيف ساهموا بالمساعدة المادية والمساعدة المعنوية، كيف ساهموا بأن سمحوا لإسرائيل بأن تحصل على كل أنواع السلاح، وأن منعوا عن العرب كل أنواع السلاح.
 
إن الوزر فى فلسطين يقع على الصهيونية ويقع أيضاً على دول الاستعمار، هذه الدول التى تعلن الشعارات إنها العالم الحر، والحرية منهم براء؛ إنهم قضوا على شعب فلسطين، أو إنهم اعتقدوا أنهم قضوا على شعب فلسطين، وأن أموالهم وأن إمكانياتهم المادية ستمكنهم من أن يحصلوا على هدفهم، وإنهم يعتقدون أن إمكانياتهم المادية ستمكنهم فى الجزائر من أن يقضوا على روح شعب الجزائر وعلى إرادة شعب الجزائر فى الحصول على الحرية والحصول على الاستقلال، ولكنهذا مستحيل؛ فالروح العربية لا يمكن بأى حال أن تنطفئ، الروح العربية التى قاتلت واستشهدت فى الماضى مستعدة فى الحاضر والمستقبل أن تقاتل وأن تستشهد.
 
فى سنة ٥٦ اعتقدوا أنهم بقواتهم وأساطيلهم سيتمكنون من إرهاب الشعب المصرى والشعب العربى فى كل بلد عربى، وبدأت حملة الغزو، وقاموا بتقديم إنذارهم، ثم قاموا بعد هذا بغاراتهم على القاهرة وعلى مدن الجمهورية، ثم قاموا فى نفس الوقت بمؤامرتهم فى سورية معتمدين على أعوان الاستعمار، ثم بدأت الحملة الكبرى.. الحملة العدوانية الكبرى ضد مصر، تشترك فيها بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل. هل استطاعوا أن يقضوا على روح القومية العربية وروح الحرية والاستقلال؟
 
لقد خرج الشعب فى مصر وفى كل بلد عربى وهو يهتف.. إننا سنقاتل من أجل حريتنا، ومن أجل استقلالنا، وسنقاتل من أجل عزتنا ومن أجل كرامتنا، ومن أجل أبنائنا. كانت هذه الصيحة تنطلق فى كل مكان، وكانت هذه الصيحة، تنطلق فى كل بلد عربى، كانت - أيها الإخوة - هى صيحتنا فى عام ٥٦ وهذه أيضاً هى صيحتنا اليوم.
 
إننا حينما ننظر إلى شعب الجزائر ونرى مليوناً من أبناء شعب الجزائر قد استشهدوا فى سبيل الحق وفى سبيل الحرية؛ إننا لا نذرف الدموع عليهم ولكننا نشعر بالفخار لأن هناك.. هناك شعب الجزائر الذى اشترى الحياة بالموت، وما وهنت عزيمته بل صمم على أن يشترى حريته بالموت.
 
وإننا - أيها الإخوة المواطنون - حينما ننظر إلى الشرق وننظر إلى فلسطين، وننظر إلى مؤامرات الاستعمار فى هذه المنطقة من العالم العربى؛ لا ترهبنا الأحداث ولا ترهبنا المؤامرات التى مكنت الصهيونية من فلسطين فى سنة 48، ولا ترهبنا مؤامرات الاستعمار والصهيونية، ولا ترهبنا مؤامرات أعوان الاستعمار والصهيونية؛ لأننا نعلم أن الشعب العربى فى المشرق أيضاً قد اشترى الحياة بالموت، وآثر أن يضحى بنفسه وروحه ودمه فى سبيل حرية بلاده، وفى سبيل استقلال بلاده، وفى سبيل تثبيت هذا الاستقلال. ليس هذا فقط؛ بل آثر أن يضحى بروحه وحريته ودمه فى سبيل كرامته، وفى سبيل كرامة وطنه. وإننا ننظر إلى المشرق العربى ونذكر المثل القريب؛ مثل عدنان مدنى حينما رفض أن يشترى الحياة بخيانة وطنه، أو خيانة كرامة وطنه، ولكنه اشترى الحياة بالموت فأصبح من الخالدين.
 
هذه - أيها الإخوة المواطنون - هى معاركنا فى كل بلد عربى.. هذه - أيها الإخوة المواطنون - هى الروح العربية.. هذه - أيها الإخوة المواطنون - هى روح الكفاح العربى.
 
إننا آلينا على أنفسنا وعاهدنا الله أن نشترى الحياة بالموت؛ حتى تبقى بلادنا عزيزة، حرة، كريمة. والله يوفقكم.
Publicité
Publicité
Commentaires
Présentation
Ce site, animé par le Collectif Algérie-Machreq, est consacré à la mémoire historique de la Nation arabo-musulmane, à l'intellectualité, la spiritualité, la culture, l'expérience révolutionnaire des peuples arabes. La Palestine sera à l'honneur. 


Publicité
Newsletter
Visiteurs
Depuis la création 445 038
Publicité